زيارة الإمام الحسين بن علي ( عليه السَّلام ) :
عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ [5] ( عليه السَّلام ) لِلْمُفَضَّلِ [6] : " كَمْ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) " ؟
قُلْتُ : بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَوْمٌ وَ بَعْضُ يَوْمٍ آخَرَ .
قَالَ : " فَتَزُورُهُ " ؟
فَقَالَ [7] : نَعَمْ .
قَالَ : فَقَالَ : " أَ لَا أُبَشِّرُكَ أَ لَا أُفَرِّحُكَ بِبَعْضِ ثَوَابِهِ " .
قُلْتُ : بَلَى جُعِلْتُ فِدَاكَ .
قَالَ : فَقَالَ لِي : " إِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَأْخُذُ فِي جِهَازِهِ وَ يَتَهَيَّأُ لِزِيَارَتِهِ فَيَتَبَاشَرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ بَابِ مَنْزِلِهِ رَاكِباً أَوْ مَاشِياً وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُوَافِيَ الْحُسَيْنَ ( عليه السَّلام ) .
يَا مُفَضَّلُ : إِذَا أَتَيْتَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ( عليه السَّلام ) فَقِفْ بِالْبَابِ ، وَ قُلْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ كَلِمَةٍ كِفْلًا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ " .
فَقُلْتُ : مَا هِيَ جُعِلْتُ فِدَاكَ ؟
قَالَ : تَقُولُ :
" السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيٍّ وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ الْحَسَنِ الرَّضِيِّ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّهِيدُ الصِّدِّيقُ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ الْبَارُّ التَّقِيُّ ، السَّلَامُ عَلَى الْأَرْوَاحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنَائِكَ وَ أَنَاخَتْ بِرَحْلِكَ ، السَّلَامُ عَلَى مَلَائِكَةِ اللَّهِ الْمُحْدِقِينَ بِكَ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلَاةَ وَ آتَيْتَ الزَّكَاةَ ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَ نَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَ عَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .
ثُمَّ تَسْعَى [8] فَلَكَ بِكُلِّ قَدَمٍ رَفَعْتَهَا أَوْ وَضَعْتَهَا كَثَوَابِ الْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَإِذَا سَلَّمْتَ عَلَى الْقَبْرِ فَالْتَمِسْهُ بِيَدِكَ وَ قُلِ :
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ فِي سَمَائِهِ وَ أَرْضِهِ .
ثُمَّ تَمْضِي إِلَى صَلَاتِكَ ، وَ لَكَ بِكُلِّ رَكْعَةٍ رَكَعْتَهَا عِنْدَهُ كَثَوَابِ مَنْ حَجَّ وَ اعْتَمَرَ أَلْفَ عُمْرَةٍ ، وَ أَعْتَقَ أَلْفَ رَقَبَةٍ ، وَ كَأَنَّمَا وَقَفَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَلْفَ مَرَّةٍ مَعَ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ ، فَإِذَا انْقَلَبْتَ مِنْ عِنْدِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) نَادَاكَ مُنَادٍ لَوْ سَمِعْتَ مَقَالَتَهُ لَأَقَمْتَ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) ، وَ هُوَ يَقُولُ طُوبَى لَكَ أَيُّهَا الْعَبْدُ قَدْ غَنِمْتَ وَ سَلِمْتَ قَدْ غُفِرَ لَكَ مَا سَلَفَ فَاسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ ، فَإِنْ هُوَ مَاتَ فِي عَامِهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ أَوْ يَوْمِهِ لَمْ يَلِ قَبْضَ رُوحِهِ إِلَّا اللَّهُ وَ تُقْبِلُ الْمَلَائِكَةُ مَعَهُ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُوَافِيَ مَنْزِلَهُ ، وَ تَقُولُ الْمَلَائِكَةُ يَا رَبِّ هَذَا عَبْدُكَ وَافَى قَبْرَ ابْنِ نَبِيِّكَ وَ قَدْ وَافَى مَنْزِلَهُ فَأَيْنَ نَذْهَبُ ، فَيُنَادِيهِمُ النِّدَاءُ مِنَ السَّمَاءِ يَا مَلَائِكَتِي قِفُوا بِبَابِ عَبْدِي فَسَبِّحُوا وَ قَدِّسُوا وَ اكْتُبُوا ذَلِكَ فِي حَسَنَاتِهِ إِلَى يَوْمِ يُتَوَفَّى .
قَالَ : فَلَا يَزَالُونَ بِبَابِهِ إِلَى يَوْمِ يُتَوَفَّى وَ يُسَبِّحُونَ اللَّهَ وَ يُقَدِّسُونَهُ وَ يَكْتُبُونَ ذَلِكَ فِي حَسَنَاتِهِ ، وَ إِذَا تُوُفِّيَ شَهِدُوا جَنَازَتَهُ وَ كَفْنَهُ وَ غُسْلَهُ وَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ ، وَ يَقُولُونَ رَبَّنَا وَكَّلْتَنَا بِبَابِ عَبْدِكَ وَ قَدْ تُوُفِّيَ فَأَيْنَ نَذْهَبُ ، فَيُنَادِيهِمْ مَلَائِكَتِي قِفُوا بِقَبْرِ عَبْدِي فَسَبِّحُوا وَ قَدِّسُوا وَ اكْتُبُوا ذَلِكَ فِي حَسَنَاتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " [9] .
من كلماته المُضيئة :
· قال ( عليه السَّلام ) في مسيره إلى كربلاء : " إن هذه الدنيا قد تغيَّرت و تنكَّرت و أدبر معروفها فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء و خسيس عيش كالمرعى الوبيل ، أ لا ترون أن الحق لا يعمل به ، و أن الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً ، فإني لا أرى الموت إلا سعادة و لا الحياة مع الظالمين إلا برما ، إن الناس عبيدُ الدنيا و الدين لَعِقٌ على ألسنتهم يحوطونه ما دَرَّت معايشهم فإذا مُحِّصوا بالبلاء قلَّ الدَّيانون " .
· قال ( عليه السَّلام ) لرجل اغتاب عنده رجلا : " يا هذا كفَّ عن الغيبة فإنها إدام كلاب النار " .
· قال عنده رجل : إن المعروف إذا أسدي إلى غير أهله ضاع ، فقال الحسين ( عليه السَّلام ) : " ليس كذلك ، و لكن تكون الصنيعة مثل وابل المطر تصيب البر و الفاجر " .
· قال ( عليه السَّلام ) : " إن قوما عبدوا الله رغبةً فتلك عبادة التجار ، و إن قوماً عبدوا الله رهبةً فتلك عبادة العبيد ، و إن قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار ، و هي أفضل العبادة " .
· قال ( عليه السَّلام ) : " إياك و ما تعتذرُ منه ، فإن المؤمن لا يسيء و لا يعتذر ، و المنافق كلُ يومٍ يسيء و يعتذر " .
· قال ( عليه السَّلام ) : " من حاول أمرا بمعصية الله كان أفوت لما يرجو و أسرع لما يحذر " .
شعاعٌ من سيرته المباركة :
جاءه رجل من الأنصار يريد أن يسأله حاجةً .
فقال ( عليه السَّلام ) : " يا أخا الأنصار صن وجهك عن بذلة المسألة ، و ارفع حاجتك في رقعة ، فإني آت فيها ما سارك إن شاء الله " .
فكتب ـ الأنصاري ـ : يا أبا عبد الله إن لفلان علي خمسمائة دينار ، و قد ألح بي فكلِّمه يُنْظِرَني إلى ميسرة .
فلما قرأ الحسين ( عليه السَّلام ) الرقعة دخل إلى منزله فأخرج صرة فيها ألف دينار ، و قال ( عليه السَّلام ) له : " أما خمسمائة فاقض بها دَينك ، و أما خمسمائة فاستعن بها على دهرك ، و لا ترفع حاجتك إلا إلى أحد ثلاثة : إلى ذي دين ، أو مروة ، أو حسب ، فأما ذو الدين فيصون دينه ، و أما ذو المروة فإنه يستحيي لمروته ، و أما ذو الحسب فيعلم أنك لم تكرم وجهك أن تبذله له في حاجتك ، فهو يصون وجهك أن يردك بغير قضاء حاجتك " [10] .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] لمزيد من التفصيل راجع : دائرة المعارف الحسينية : الجزء الأول من السيرة الحسينية : 157 .
[2] كربلاء مدينة إسلامية مقدسة ، و هي مشهورة في التاريخ الإسلامي و كذلك قبل الإسلام بزمن بعيد .
و تقع مدينة كربلاء على بعد 105 كم إلى الجنوب الغربي من العاصمة العراقية بغداد ، على حافة الصحراء في غربي الفرات و على الجهة اليسرى لجدول الحسينية .
و تقع المدينة على خط طول 44 درجة و 40 دقيقة ، و على خط عرض 33 درجة و 31 دقيقة ، و يحدّها من الشمال محافظة الأنبار ، و من الجنوب محافظة النجف ، و من الشرق محافظة الحلة و قسم من محافظة بغداد ، و من الغرب بادية الشام و أراضي المملكة العربية السعودية .
[3] لمزيد من التفصيل راجع : فضائل الخمسة من الصحاح الستة : 3 / 226 ـ 347 ، للعلامة المُحقق السيد مرتضى الحسيني الفيروزآبادي ، طبعة مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت / لبنان ، الطبعة الرابعة : سنة : 1402 هجرية ـ 1982 ميلادية .
[4] أخفر ذمتي : أي نقض عهدي و لم يلتزم به .
[5] أي الإمام جعفر بن محمد الصَّادق ( عليه السَّلام ) ، سادس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
[6] هو الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ .
[7] أي الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ .
[8] أي تذهب نحو قبر الحسين ( عليه السَّلام ) .
[9] مستدرك وسائل الشيعة : 10 / 300 ، للشيخ المحدث النوري ، المولود سنة : 1254 هجرية ، و المتوفى سنة : 1320 هجرية ، طبعة : مؤسسة آل البيت ، سنة : 1408 هجرية ، قم / إيران .
[10] تحف العقول : 247 ، للشيخ حسن بن شُعبة الحراني ، طبعة ، جامعة المدرسين ، قم / إيران .
للامانه منقوووول
تقبلو تحياتي
عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ قَالَ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ [5] ( عليه السَّلام ) لِلْمُفَضَّلِ [6] : " كَمْ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) " ؟
قُلْتُ : بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَوْمٌ وَ بَعْضُ يَوْمٍ آخَرَ .
قَالَ : " فَتَزُورُهُ " ؟
فَقَالَ [7] : نَعَمْ .
قَالَ : فَقَالَ : " أَ لَا أُبَشِّرُكَ أَ لَا أُفَرِّحُكَ بِبَعْضِ ثَوَابِهِ " .
قُلْتُ : بَلَى جُعِلْتُ فِدَاكَ .
قَالَ : فَقَالَ لِي : " إِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَأْخُذُ فِي جِهَازِهِ وَ يَتَهَيَّأُ لِزِيَارَتِهِ فَيَتَبَاشَرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ بَابِ مَنْزِلِهِ رَاكِباً أَوْ مَاشِياً وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ أَرْبَعَةَ آلَافِ مَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُوَافِيَ الْحُسَيْنَ ( عليه السَّلام ) .
يَا مُفَضَّلُ : إِذَا أَتَيْتَ قَبْرَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ ( عليه السَّلام ) فَقِفْ بِالْبَابِ ، وَ قُلْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ كَلِمَةٍ كِفْلًا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ " .
فَقُلْتُ : مَا هِيَ جُعِلْتُ فِدَاكَ ؟
قَالَ : تَقُولُ :
" السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عَلِيٍّ وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ الْحَسَنِ الرَّضِيِّ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الشَّهِيدُ الصِّدِّيقُ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْوَصِيُّ الْبَارُّ التَّقِيُّ ، السَّلَامُ عَلَى الْأَرْوَاحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنَائِكَ وَ أَنَاخَتْ بِرَحْلِكَ ، السَّلَامُ عَلَى مَلَائِكَةِ اللَّهِ الْمُحْدِقِينَ بِكَ ، أَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلَاةَ وَ آتَيْتَ الزَّكَاةَ ، وَ أَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَ نَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَ عَبَدْتَ اللَّهَ مُخْلِصاً حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ .
ثُمَّ تَسْعَى [8] فَلَكَ بِكُلِّ قَدَمٍ رَفَعْتَهَا أَوْ وَضَعْتَهَا كَثَوَابِ الْمُتَشَحِّطِ بِدَمِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَإِذَا سَلَّمْتَ عَلَى الْقَبْرِ فَالْتَمِسْهُ بِيَدِكَ وَ قُلِ :
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا حُجَّةَ اللَّهِ فِي سَمَائِهِ وَ أَرْضِهِ .
ثُمَّ تَمْضِي إِلَى صَلَاتِكَ ، وَ لَكَ بِكُلِّ رَكْعَةٍ رَكَعْتَهَا عِنْدَهُ كَثَوَابِ مَنْ حَجَّ وَ اعْتَمَرَ أَلْفَ عُمْرَةٍ ، وَ أَعْتَقَ أَلْفَ رَقَبَةٍ ، وَ كَأَنَّمَا وَقَفَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَلْفَ مَرَّةٍ مَعَ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ ، فَإِذَا انْقَلَبْتَ مِنْ عِنْدِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) نَادَاكَ مُنَادٍ لَوْ سَمِعْتَ مَقَالَتَهُ لَأَقَمْتَ عِنْدَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ ( عليه السَّلام ) ، وَ هُوَ يَقُولُ طُوبَى لَكَ أَيُّهَا الْعَبْدُ قَدْ غَنِمْتَ وَ سَلِمْتَ قَدْ غُفِرَ لَكَ مَا سَلَفَ فَاسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ ، فَإِنْ هُوَ مَاتَ فِي عَامِهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ أَوْ يَوْمِهِ لَمْ يَلِ قَبْضَ رُوحِهِ إِلَّا اللَّهُ وَ تُقْبِلُ الْمَلَائِكَةُ مَعَهُ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُوَافِيَ مَنْزِلَهُ ، وَ تَقُولُ الْمَلَائِكَةُ يَا رَبِّ هَذَا عَبْدُكَ وَافَى قَبْرَ ابْنِ نَبِيِّكَ وَ قَدْ وَافَى مَنْزِلَهُ فَأَيْنَ نَذْهَبُ ، فَيُنَادِيهِمُ النِّدَاءُ مِنَ السَّمَاءِ يَا مَلَائِكَتِي قِفُوا بِبَابِ عَبْدِي فَسَبِّحُوا وَ قَدِّسُوا وَ اكْتُبُوا ذَلِكَ فِي حَسَنَاتِهِ إِلَى يَوْمِ يُتَوَفَّى .
قَالَ : فَلَا يَزَالُونَ بِبَابِهِ إِلَى يَوْمِ يُتَوَفَّى وَ يُسَبِّحُونَ اللَّهَ وَ يُقَدِّسُونَهُ وَ يَكْتُبُونَ ذَلِكَ فِي حَسَنَاتِهِ ، وَ إِذَا تُوُفِّيَ شَهِدُوا جَنَازَتَهُ وَ كَفْنَهُ وَ غُسْلَهُ وَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ ، وَ يَقُولُونَ رَبَّنَا وَكَّلْتَنَا بِبَابِ عَبْدِكَ وَ قَدْ تُوُفِّيَ فَأَيْنَ نَذْهَبُ ، فَيُنَادِيهِمْ مَلَائِكَتِي قِفُوا بِقَبْرِ عَبْدِي فَسَبِّحُوا وَ قَدِّسُوا وَ اكْتُبُوا ذَلِكَ فِي حَسَنَاتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " [9] .
من كلماته المُضيئة :
· قال ( عليه السَّلام ) في مسيره إلى كربلاء : " إن هذه الدنيا قد تغيَّرت و تنكَّرت و أدبر معروفها فلم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء و خسيس عيش كالمرعى الوبيل ، أ لا ترون أن الحق لا يعمل به ، و أن الباطل لا يتناهى عنه ، ليرغب المؤمن في لقاء الله محقاً ، فإني لا أرى الموت إلا سعادة و لا الحياة مع الظالمين إلا برما ، إن الناس عبيدُ الدنيا و الدين لَعِقٌ على ألسنتهم يحوطونه ما دَرَّت معايشهم فإذا مُحِّصوا بالبلاء قلَّ الدَّيانون " .
· قال ( عليه السَّلام ) لرجل اغتاب عنده رجلا : " يا هذا كفَّ عن الغيبة فإنها إدام كلاب النار " .
· قال عنده رجل : إن المعروف إذا أسدي إلى غير أهله ضاع ، فقال الحسين ( عليه السَّلام ) : " ليس كذلك ، و لكن تكون الصنيعة مثل وابل المطر تصيب البر و الفاجر " .
· قال ( عليه السَّلام ) : " إن قوما عبدوا الله رغبةً فتلك عبادة التجار ، و إن قوماً عبدوا الله رهبةً فتلك عبادة العبيد ، و إن قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار ، و هي أفضل العبادة " .
· قال ( عليه السَّلام ) : " إياك و ما تعتذرُ منه ، فإن المؤمن لا يسيء و لا يعتذر ، و المنافق كلُ يومٍ يسيء و يعتذر " .
· قال ( عليه السَّلام ) : " من حاول أمرا بمعصية الله كان أفوت لما يرجو و أسرع لما يحذر " .
شعاعٌ من سيرته المباركة :
جاءه رجل من الأنصار يريد أن يسأله حاجةً .
فقال ( عليه السَّلام ) : " يا أخا الأنصار صن وجهك عن بذلة المسألة ، و ارفع حاجتك في رقعة ، فإني آت فيها ما سارك إن شاء الله " .
فكتب ـ الأنصاري ـ : يا أبا عبد الله إن لفلان علي خمسمائة دينار ، و قد ألح بي فكلِّمه يُنْظِرَني إلى ميسرة .
فلما قرأ الحسين ( عليه السَّلام ) الرقعة دخل إلى منزله فأخرج صرة فيها ألف دينار ، و قال ( عليه السَّلام ) له : " أما خمسمائة فاقض بها دَينك ، و أما خمسمائة فاستعن بها على دهرك ، و لا ترفع حاجتك إلا إلى أحد ثلاثة : إلى ذي دين ، أو مروة ، أو حسب ، فأما ذو الدين فيصون دينه ، و أما ذو المروة فإنه يستحيي لمروته ، و أما ذو الحسب فيعلم أنك لم تكرم وجهك أن تبذله له في حاجتك ، فهو يصون وجهك أن يردك بغير قضاء حاجتك " [10] .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] لمزيد من التفصيل راجع : دائرة المعارف الحسينية : الجزء الأول من السيرة الحسينية : 157 .
[2] كربلاء مدينة إسلامية مقدسة ، و هي مشهورة في التاريخ الإسلامي و كذلك قبل الإسلام بزمن بعيد .
و تقع مدينة كربلاء على بعد 105 كم إلى الجنوب الغربي من العاصمة العراقية بغداد ، على حافة الصحراء في غربي الفرات و على الجهة اليسرى لجدول الحسينية .
و تقع المدينة على خط طول 44 درجة و 40 دقيقة ، و على خط عرض 33 درجة و 31 دقيقة ، و يحدّها من الشمال محافظة الأنبار ، و من الجنوب محافظة النجف ، و من الشرق محافظة الحلة و قسم من محافظة بغداد ، و من الغرب بادية الشام و أراضي المملكة العربية السعودية .
[3] لمزيد من التفصيل راجع : فضائل الخمسة من الصحاح الستة : 3 / 226 ـ 347 ، للعلامة المُحقق السيد مرتضى الحسيني الفيروزآبادي ، طبعة مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ، بيروت / لبنان ، الطبعة الرابعة : سنة : 1402 هجرية ـ 1982 ميلادية .
[4] أخفر ذمتي : أي نقض عهدي و لم يلتزم به .
[5] أي الإمام جعفر بن محمد الصَّادق ( عليه السَّلام ) ، سادس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
[6] هو الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ .
[7] أي الْمُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ .
[8] أي تذهب نحو قبر الحسين ( عليه السَّلام ) .
[9] مستدرك وسائل الشيعة : 10 / 300 ، للشيخ المحدث النوري ، المولود سنة : 1254 هجرية ، و المتوفى سنة : 1320 هجرية ، طبعة : مؤسسة آل البيت ، سنة : 1408 هجرية ، قم / إيران .
[10] تحف العقول : 247 ، للشيخ حسن بن شُعبة الحراني ، طبعة ، جامعة المدرسين ، قم / إيران .
للامانه منقوووول
تقبلو تحياتي